responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 336
القصة الأولى قصة نوح عليه السلام

[سورة هود (11) : الآيات 25 الى 26]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ بَدَأَ بِذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي سُورَةِ يُونُسَ وَقَدْ أَعَادَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَيْضًا لِمَا فِيهَا مِنْ زَوَائِدِ الْفَوَائِدِ وَبَدَائِعِ الْحِكَمِ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ أَنِّي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالْمَعْنَى: أَرْسَلْنَا نُوحًا بِأَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، وَمَعْنَاهُ أَرْسَلْنَاهُ مُلْتَبِسًا بِهَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ فَلَمَّا اتَّصَلَ بِهِ حَرْفُ الْجَرِّ وَهُوَ الْبَاءُ فُتِحَ كَمَا فُتِحَ فِي كَانَ، وَأَمَّا سَائِرُ الْقُرَّاءِ فَقَرَءُوا إِنِّي بِالْكَسْرِ عَلَى مَعْنَى قَالَ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ مِنَ النَّذِيرِ كَوْنُهُ مُهَدِّدًا لِلْعُصَاةِ بِالْعِقَابِ، وَمِنَ الْمُبِينِ كَوْنُهُ مُبَيِّنًا مَا أَعَدَّ اللَّه لِلْمُطِيعِينَ مِنَ الثَّوَابِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ نَذِيرٌ لِلْعُصَاةِ مِنَ الْعِقَابِ وَأَنَّهُ مُبِينٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ الْإِنْذَارَ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَكْمَلِ وَالْبَيَانِ الْأَقْوَى الْأَظْهَرِ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ الْإِنْذَارَ إِنَّمَا حَصَلَ فِي النَّهْيِ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّه وَفِي الْأَمْرِ بِعِبَادَةِ اللَّه لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ النَّفْيِ وَهُوَ يُوجِبُ نَفْيَ غَيْرِ الْمُسْتَثْنَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ بهذا الكلام وهو قوله: إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ.
ثُمَّ قَالَ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ فَقَوْلُهُ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ ثُمَّ إِنَّهُ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْأَلَمُ الْعَظِيمُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُسْنِدَ ذَلِكَ الْأَلَمُ إِلَى الْيَوْمِ، كَقَوْلِهِمْ نَهَارُكَ صَائِمٌ، وَلَيْلُكَ قائم.

[سورة هود (11) : آية 27]
فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (27)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّه تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ طَعَنُوا في نبوته بثلاثة أنوع مِنَ الشُّبُهَاتِ.
فَالشُّبْهَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ، وَالتَّفَاوُتُ الْحَاصِلُ بَيْنَ آحَادِ الْبَشَرِ يَمْتَنِعُ انْتِهَاؤُهُ إلى حيث يصير الواحد منهم واجب الطَّاعَةُ لِجَمِيعِ الْعَالَمِينَ.
وَالشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ: كَوْنُهُ مَا اتَّبَعَهُ إِلَّا أَرَاذِلُ مِنَ الْقَوْمِ كَالْحِيَاكَةِ وَأَهْلِ الصَّنَائِعِ الْخَسِيسَةِ، قَالُوا وَلَوْ كُنْتَ صَادِقًا لَاتَّبَعَكَ الْأَكْيَاسُ مِنَ النَّاسِ وَالْأَشْرَافُ مِنْهُمْ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشُّعَرَاءِ: 111] .
وَالشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ وَالْمَعْنَى: لَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ لَا فِي الْعَقْلِ وَلَا فِي رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ الْعَاجِلَةِ وَلَا فِي قُوَّةِ الْجَدَلِ فَإِذَا لَمْ نُشَاهِدْ فَضْلَكَ عَلَيْنَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست